جدلية التحول المذهبي ونتائجه

ترصد هذه الأوراق حركة الانتقال من الدين إلى المذهب في لحظته التاريخية والاجتماعية والسياسية داخل الإسلام، ومن خلال هذا الرصد نتبين طبيعة هذا الانتقال من حيث وجوبه وحتميته التاريخية، لا في تاريخ الإسلام وحده بل في تاريخ الأديان السماوية الأخرى. وأعني بالمذهب هنا: المعنى العقائدي والفقهي الشامل؛ لتلبس كل منهما بالآخر عند التطبيق من ناحية، ولصعوبة الفصل بينهما لشدة التداخل في الأذهان والتصورات من ناحية أخرى. وإن كنت قد حاولت التفريق بينهما داخل البحث إلا أن هذا التفريق هو تفريق شكلي لا يؤثر في المضامين كثيرا، لأنني عدت في النهاية واستعملت كلا المصطلحين مكان الآخر. وقد تابَعَت هذه الورقة البحثية بعد ذلك الانتقال من المذهبية إلى التمذهب، والذي قد يعني في صورة منه التعصب والتقوقع حول الفكر الواحد باعتباره الدين الحق وما عداه هو الباطل، أو بمعنى آخر حدوث العودة للوراء من المذهب إلى الدين لشدة ارتباط كل منهما بالآخر ضمن تصورات الأتباع. فكما أن هذه الورقة تنتقل من الدين إلى المذهب؛ فهي كذلك تبحث الاتجاه العكسي، وما نشأ عنه من تداعيات. إنها تبحث الانتقال في حركته الجدلية في كلا الاتجاهين، لرصد طبيعته وتجلياته ونتائجه